إتفاق الساحر مع الشيطان والأمور الشركية
العلاقة التي تقوم بين السحرة والشياطين أساسها الكفر والشرك والإلحاد ، ومضمون هذه العلاقة يعتمد على إبرام عقد بين الطرفين ، ويقوم هذا العقد أساسا على قيام الساحر ببعض الأمور الشركية أو الكفرية سواء كانت تلك الأفعال سرية أو جهرية مقابل خدمات يقدمها الشيطان للساحر وتسخير من يقوم على خدمته 0
يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – عن كيفية وصول الإنسان لمرتبة الساحر :
( يتفق ساحر مع شيطان على أن يقوم الساحر بفعل
بعض المحرمات أو الشركيات ، في مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه 0
فمن السحرة من يرتدي المصحف في قدميه ويدخل به الخلاء ، ومنهم من يكتب آيات من القرآن بالقذارة ، ومنهم من يكتبها بدم الحيض ، ومنهم من يكتب آيات من القرآن على أسفل قدميه ، ومنهم من يكتب الفاتحة معكوسة ، ومنهم من يصلي بدون وضوء ، ومنهم من يظل جنباً ، ومنهم من يذبح للشيطان فلا يذكر اسم الله عند الذبح ويرمي الذبيحة في مكان يحدده له الشيطان ، ومنهم من يخاطب الكواكب ، ويسجد لها من دون الله ، ومنهم من يأتي أمه أو ابنته ، ومنهم من يكتب ( طلسماً ) بألفاظ غير عربية تحمل معانٍ كفرية 0
ومن هنا يتبين لنا أن الجني لا يساعد الساحر ولا يخدمه إلا بمقابل ، وكلما كان الساحر أشد كفراً كان الشيطان أكثر طاعة له ، وأسرع في تنفيذ أمره ، وإذا قصرَّ الساحر قس تنفيذ ما أمره به الشيطان من أمور كفرية ، امتنع الشيطان من خدمته ، وعصى أمره 0 فالساحر والشيطان قرينان التقيا على معصية الله ) 0 ( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 53 )
قال الدكتور محمد محمود عبدالله مدرس علوم القرآن بالأزهر : ( لا تنشأ العلاقة بين شيطان الجن وحليفه شيطان الإنس إلا بعد أن يدفع الساحر وهو شيطان الإنس ثمناً باهظاً ؛ لأنّ شيطان الجن لا يعاونه ولا يقوم بخدمته فيما يطلب إلا بعد أن يطلب إليه القيام بأعمال منافية للشرع ، بل هي للكفر والشرك أقرب منها للإيمان ؛ إذ يقوم محترف السحر أو من يريد استخدام الشيطان بالآتي :
1- العهد والميثاق : وهو التحالف مع الشيطان على ألاّ يخون أحدهما الآخر فيفشي سره أو يعصي أمره 0
2- يتقرب الساحر للشيطان : كأن يصوم له تقرباً من أجل مرضاته 0
3- يذبح تقرباً للشيطان : بشرط أن يذكر اسم الشيطان على ما يذبح ، فلا يذكر اسم الله جل وعلا 0
4- يكتب الساحر آيات من القرآن بالنجاسة 0 أو يكتب الفاتحة بالمقلوب 0 أو يكتب آيات من كتاب الله عز شأنه بدم الحيض ، أو بدم طيور يحددها الجن وتذبح دون أن يذكر اسم الله عليها ، بل يذكر اسم الشيطان 0
5- يكون الساحر دائماً نجس البدن والثياب ، فلا يتطهر 0
6- تمزيق المصحف ويضعه الساحر في نعله ويدخل به المرحاض 0
7- يلبس الساحر ثياباً نجسة وبالمقلوب 0
8- الاستنجاء باللبن مع وطء المصحف بالنعال 0
9- يأمر الشيطان الساحر بالزنا ، ثم بكتابة آيات مقلوبة بماء النجاسة ، أو تمائم وطلاسم يمليها الجن على الساحر فيكتبها بمني الزنا 0
10- تحديد مكان خال يتم فيه اللقاء بينهما بمواصفات خاصة 0
هذا وغيره من الأفعال التي تخرج الساحر من ملة الإسلام ، وينال الكفر بفعلها 0 ومعلوم أن السحر كفر ، والساحر كافر ) 0 ( إعجاز القرآن في علاج السحر والحسد ومسّ الشيطان – 22 – 24 ) 0
يقول الدكتور عبدالسلام السكري المدرس بكلية الشريعة والقانون بدمنهور : ( والسحر بأنواعه إما أن يقتصر عمله وتأثيره على شخص معين سواء كان ذلك الشخص ذكراً أو أنثى وهو الغالب عليه ، وفي هذه الحالة لا بد للساحر أن يكون على اتصال مستمر بالشياطين ومردة الجن ويشترط فيه أن يكون جيد الدراية والخبرة في التعامل مع الجن سواء كان في تحضيرهم أو انصرافهم عالماً بخبايا السحر وممارسته ، وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الساحر قد قضى مدة طويلة جداً في ممارسة السحر واستخدامه 0
ومما ينبغي أن تعلمه أن السحرة أناس اتصفت نفوسهم بالخبث والدناءة والدهاء ، فهو يعتقد اعتقاداً راسخاً في سيده " الشيطان " وهو كذلك عدو لجميع الأديان ، وعلى استعداد أن يرتكب أبشع الجرائم الخلقية في أي وقت إرضاء لسيده ، ويقضي معظم وقته منطوياً على نفسه ويشترط الشيطان فيمن يتعامل معه من السحرة شروطاً في غاية الصعوبة والانحطاط والذل في نفس الوقت ) 0 ( السحر بين الحقيقة والوهم في التصور الإسلامي – ص 20 – 21 ) 0
ويتبع الساحر أمراء من قبائل الجن والشياطين ويكون تحت إمرة كل من هؤلاء عدد محدد من الأرواح الخبيثة بحيث ينفذون أمره ويأتمرون بإمرته ، وغالبا ما يؤمر على هذه المجموعة شيطان متمرد متعفرت ذو قوة وبأس شديد ، وهكذا يتضح بأن تلك العلاقة المطردة تقوم على تنظيم وتخطيط وإعداد دقيق ، وهذا يحتم اتخاذ كافة السبل والوسائل الشرعية والحسية المباحة لمحاربة ذلك والوقوف في وجهه ، ودون ذلك فإن المعالج سوف يتعرض للخطر في نفسه وأهله وماله 0
يقول الأستاذ الصادق بن الحاج التوم : ( وحقيقة الأمر أن الساحر يأخذ أو يؤتى إليه بشيء من الشخص المراد سحره ؛ كقطعة من ثيابه ، أو شعرة من رأسه ، أو جزء من أظافره ، فإن لم يوجد شيء سأل الساحر عن اسم أمه حتى يجد علامة يربط بها السحر بالمسحور ، ثم بعد ذلك يعقد عقداً يكون فيها هذا الأثر ، ثم يقرأ تعاويذه وطلاسمه الشيطانية ، وهي محاولة لطلب المساعدة من الأرواح الخبيثة لإنفاذ السحر ، فتعاونه مردة الشياطين الذين يعبدهم ويطيعهم من دون الله ، فيسخرون له أرواحاً خبيثة يربطوهم بجسم الشخص المراد سحره ، فلا يستطيع أن ينفك عنهم ، وهذا الشيطان المربوط بالمسحور يسمى بـ ( خادم السحر ) فيلازمه ويتابعه حتى يجد فرصة سانحة فيدخل في جسده ، فلا ينفك عنه إلا إذا أبطل السحر وانفكت العقد ، ثم توضع العقد المربوطة مع أوراق فيها طلاسم وتعاويذ شيطانية في مكان قريب أو بعيد من المسحور حتى يلازمه السحر ، فتدفن في الأرض أحياناً أو توضع في أماكن خفية حتى لا يعرف مكانها فتبطل ، وقد يضاف إلى ذلك بعض المواد الخبيثة والتركيبات النتنة مثل : العذرة ، أو المني ، أو دم الحيض ، فتخلط وتجفف وتسحق حتى تكون ( بودرة ) وتقرأ فيها التعاويذ ، ويكون منها مادة سحرية توضع للشخص المراد سحره في طعامه أو شرابه حتى تستقر في بطنه فتقوم بجذب الروح الخبيثة ( خادم السحر ) إلى الجسد لتستقر بها ، فإذا استقرت الأرواح الخبيثة في الجسد قامت بأداء المهمة التي من أجلها عمل السحر ، فإن كانت للتفريق بين المرء وزوجه قاموا بعمل أشياء تكرّه الرجل في زوجته أو المرأة في زوجها ، كأن يجعلون في فم المرأة – إن كانوا فيها – رائحة نتنة لا تنفك عنها 0
أو يسببون للرجل أو للمرأة ضيقا شديداً وقلقاً وخوفاً طالما هو في بيته مع زوجته ، أو يهيجون أعصابه فلا يتحمل كلمة واحدة من زوجته 000 إلى غير ذلك من العوامل التي تدمر الأسر 0
وأما إذا كان المراد من السحر تسبب الأذى للمسحور فقد يسببون له آلاما حادة في الرأس ( صداع ) ، وآلاماً حادة في الظهر والمفاصل ، وضيقاً في الصدر ، وأوجاعاً في البطن 0 وإذا كان المراد من السحر صرف المسحور عن دراسته أو تجارته أو مستقبله فيقومون بتشتيت فكره والتسبب في أرقه ، وعدم راحته ، وجلب الكوابيس والأهوال له عند النوم 000 إلى غير ذلك مما يقوم به السحرة ) 0 ( الإيضاح المبين لكشف حيل السحرة والمشعوذين – ص 15 – 18 ) 0
قال صاحبا كتاب " أفعال شيطانية " : ( أما الجن الموكل بتنفيذ السحر " التأثير على المسحور " يدعى " خادم السحر " وقد يوضع في السحر شيء من شعر المسحور 00 أو قصاصات من ملابسه أو أي شيء مما كان يستعمله ولو بقدر بسيط ) 0 ( أفعال شيطانية – ص 38 ) 0
والسؤال الذي قد يطرح نفسه هو كيفية استحضار الساحر للجن والشياطين وتسخيرهم في إيذاء المسلمين وغيرهم ، وللإجابة على هذا السؤال أعرض وبشكل مختصر الوسائل والأساليب التي يقوم الساحر بواسطتها من استحضار الجن والشياطين وهي على النحو التالي :-
1)- طريقة الإقسام :-
وتعتمد هذه الطريقة على دخول الساحر إلى غرفة مظلمة وإطلاق نوع معين من البخور ، ثم البدء في تلاوة العزيمة الشركية ، وهي عبارة عن طلاسم تحتوي على إقسام الجن بسيدهم ، وسؤالهم بعظيمهم ، كما تتضمن أنواعا أخرى من الشرك كتعظيم الجن والاستغاثة بهم وغير ذلك من أمور شركية أو كفرية 0
وحال الانتهاء من تلك العزيمة الكفرية يظهر للساحر حيوان أو طائر أو مسخ ونحو ذلك من أشكال أخرى ، وقد يسمع الساحر صوتا دون رؤية أي شيء يذكر ، وفي هذه الحالة يقوم الساحر بإعطاء أوامره للشيطان لتنفيذ ما يريد 0
قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - :( وبهذا يجيبون المعزم والراقي بأسمائهم وأسماء ملوكهم ، فإنه يقسم عليهم بأسماء من يعظمونه ، فيحصل لهم بذلك من الرئاسة والشرف على الإنس ما يحملهم على أن يعطوهم بعض سؤلهم ، لا سيما وهم يعلمون أن الإنس أشرف منهم وأعظم قدرا ، فإذا خضعت الإنس لهم واستعاذت بهم كان بمنزلة أكابر الناس إذا خضع لأصاغرهم ليقضي له حاجته ) 0( البيان المبين في أخبار الجن والشياطين - ص 58 ) 0
قال الكشناوي :(سحر يقوم على عمل أشياء مناسبة للغرض المطلوب ، مضافة إلى رقية ، ودخنة بعزيمة نافذة في وقت مختار وتلك الأشياء تارة تكون تماثيل كالطلسمات ، وتارة تصاوير ونقوشا ، وتارة عقدا تعقد وينفث عليها ، وتارة كتبا تكتب وتدفن في الأرض ، أو تطرح في الماء ، أو تعلق في الهواء ، أو تحرق بالنار ، وتلك الرقية التي يرقى بها ، فيها تضرع للكواكب الفاعلة للغرض المطلوب 0 على زعمهم ) 0 ( الدر المنظوم وخلاصة السر المكتوم في السحر والطلاسم والنجوم - 1 / 27 ) 0
قال الحافظ ابن العربي المالكي في تعريف السحر :( أنه كلام مؤلف يعظم فيه غير الله تعالى ، وتنسب إليه الأفعال والمقادير ، الكائنات بخلق الله عند قول الساحر ، وفعله في المسحور ، ما شاء من أمره حسب ما جرت العادة به ) 0 ( عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي - 6 / 246 - 247 ) 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – عن حقيقة السحر فأجاب :
( نعم له حقيقة وحقيقته أن السحرة يعبدون الشياطين ويطيعونهم وهم يساعدونهم على ما يريدون والله تعالى قد أعطى الشياطين من القدرة ما يزاولون به أعمالا غريبة ) 0( المسلمون 54 – فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – ص 56 ) 0
قال الأستاذ مصطفى عاشور :( وإذا فسدت نفس الإنسان أو مزاجه ، فإنه يشتهي ما يضره ويلتذ به ويعشقه 0 والشيطان ذو النفس الخبيثة إذا تقرب إليه صاحب العزائم والأقسام وكتب الروحانيات السحرية ، بما
يحبه من الكفر والشرك ، صار ذلك كالرشوة له ؛ فيقضي له بعض
أغراضه ) 0( عالم الجن أسراره وخفاياه – ص 75 ) 0
2)- طريقة الذبح :-
وتقوم هذه الطريقة على أساس إحضار الساحر حيوان أو طائر وغالبا ما يلجأ الساحر لاستخدام اللون الأسود من هذه الحيوانات أو الطيور لما تعنيه في نظر هذا الخبيث من استجماع لقوى الشر ، ثم يذبحه دون أن يذكر اسم الله عليه ، وأحيانا أخرى يوكل هذه المهمة للمريض أو من أراد القيام بالسحر استدراجا له في الطغيان والكفر ، وتارة قد يطلب الساحر من المريض أن يلطخ وجهه وجسده بذلك الدم ، ثم يطلب الساحر من المريض أن يرمي هذه الجيفة ويدفنها في الأماكن المقفرة كالمزابل والحشوش والمقابر ونحو ذلك من أماكن تعتبر سكن للجن والشياطين ، ومن ثم يقوم الساحر بتلاوة عزيمته التي تحتوي على طلاسم كفرية أو شركية حيث يأمر تلك الأرواح الخبيثة بما يريد 0
3)- الطريقة السفلية :-
وتعتمد هذه الطريقة على الاستعانة بأكبر عدد من الجن والشياطين الذين يخدمون الساحر وينفذون أمره ، وهذا النوع من السحرة يصل إلى درجة عالية من الكفر والإلحاد ، وتقوم هذه الطريقة على انتعال الساحر المصحف بقدميه والدخول به إلى الخلاء والبدء بتلاوة العزائم الشركية
التي تحتوي على طلاسم محددة ، وحال الانتهاء من ذلك يخرج من المكان فتسارع الجن إلى طاعته وتنفيذ أمره ، وهذا النوع من السحرة يصل إلى انحطاط في القيم والأخلاق والمبادئ وخبث في النفس قل أن يصله نوع آخر ، فتراه مرتكبا لجميع الكبائر ناهيك عن الصغائر ومن ذلك إتيان المحارم واللواط والزنى خاصة مع المريضات ، وسب الأديان ، وكل ذلك تحقيقا لنزواته وأهوائه وإرضاء للشيطان وتقربا منه 0
4)- طريقة النجاسة :-
وتعتمد هذه الطريقة على كتابة سور أو آيات من كتاب الله عز وجل بالنجاسات كدم الحيض والغائط والبول ونحو ذلك ، ثم يبدأ بتلاوة العزائم الشركية التي تحتوى على طلاسم يتقرب بها إلى الشيطان وأعوانه ، فيستحضر الأرواح الخبيثة على تلك الصفة فتأتمر بأمره وتطيعه فيما يريد 0
قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - :( ولهذا كثير من هذه الأمور يكتبون فيها كلام الله بالنجاسة ، وقد يكتبون حروف كلام الله - عز وجل - إما حروف الفاتحة ، وإما حروف قل هو الله أحد ، وإما غيرهما ، بنجاسة إما دم ، وإما غيره ، وإما بغير نجاسة ، أو يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان ، أو يتكلمون بذلك ، فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين ، أعانتهم على بعض أغراضهم ) 0 ( البيان المبين في أخبار الجن والشياطين - ص 59 ) 0
5)- طريقة التنكيس :-
وتقوم هذه الطريقة على كتابة سور أو آيات من كتاب الله عز وجل منكوسة أي معكوسة فيكتب السورة أو الآية من آخرها إلى أولها ، ومن
ثم يبدأ بتلاوة العزيمة الشركية المحتوية على طلاسم معينة تقربا للشيطان وأتباعه فيطيعوا أمره وينفذوا رغباته 0
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( من وسائل الرقى الشركية العزايم كما يسميها السحرة والمشعوذون والتي يكتبون فيها آيات قرآنية ولكنهم ينكسوا الآيات ويكتبونها مقلوبة ويضعون ذلك في الورقة التي تحل وتشرب ) 0( مجلة الدعوة – صفحة 22 – العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0
قال الأستاذ مصطفى عاشور :( يقوم الإنسان الخبيث النفس بكتابة كلام الله تعالى بالنجاسة ، وقد يقوم بقلب حروف ( قل هو الله أحد ) ، أو قراءة ( سورة يسن ) بالمقلوب ، أو غير ذلك مما يرضاه الشيطان 0
فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين أعانتهم على بعض أغراضهم ،
مثل : تغوير ماء من المياه ، وإما أن يحمل في الهواء إلى بعض الأمكنة ، وإما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس ، وإما بإيذاء أحد يعاديه ) 0 ( عالم الجن أسراره وخفاياه - ص 75 ) 0
6)- طريقة الأحرف المقطعة لكتاب الله :-
وتعتمد هذه الطريقة على كتابة سور وآيات من كتاب الله عز وجل مقطعة ، وحال الانتهاء من كتابة السورة أو الآية يبدأ الساحر بتلاوة العزيمة الكفرية المحتوية على الطلاسم المتنوعة تقربا لتلك الأرواح الخبيثة
التي تسارع لتنفيذ رغباته وتحقيق مطالبه 0
7)- التلاعب بالسور والآيات :-
وتعتمد هذه الطريقة على كتابة سور وآيات من كتاب الله عز وجل ناقصة بعض الأحرف أو الكلمات أو أن يلجأ الساحر إلى تغيير بعض الكلمات من أساسها ونحو ذلك من تلاعب يدل على خبث ودناءة نفس ، وحال الانتهاء من ذلك يبدأ بتلاوة العزيمة الكفرية المحتوية على الطلاسم المتنوعة التي تستحضر الأرواح الخبيثة فتأتمر بأمر الساحر وتنفذ رغباته وطلباته 0
8)- طريقة استخدام الأحرف أو الرموز والأرقام والصور :-
وتقوم هذه الطريقة على كتابة تمائم وعزائم بأسماء مجهولة أو أشكال هندسية متنوعة وتقسم إلى مربعات أو مستطيلات ونحو ذلك من أشكال أخرى ، وكذلك تحتوي هذه العزائم على الأرقام والحروف وبعض الصور وأسماء الملائكة وقد تتضمن بعض سور أو آيات من كتاب الله عز وجل وقد تكتب منكوسة ، ومن ثم يبدأ الساحر بتلاوة العزيمة الشركية المحتوية على طلاسم معينة تقربا للشيطان وأتباعه فيطيعوا أمره وينفذوا رغباته 0
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( أو يضعون – السحرة والمشعوذون – في التميمة ونحو ذلك حروف مجهولة أو مثلث أو مربع في داخله أسماء مجهولة وأرقام لا يعلم معناها فهذا من وسائل الشرك أو من الشرك إلا أنهم يستعينون ويستغيثون بالشياطين ) ( مجلة الدعوة – صفحة 22 – العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0
9)- طريقة التنجيم :-
وتقوم هذه الطريقة على ترصد الساحر لظهور نجم محدد يخاطب بعزائم وطلاسم تحتوي على الكفر والشرك والإلحاد ومن ثم القيام بحركات معينة بقصد استنزال روحانية هذا النجم ، وحقيقة الأمر أن ذلك يعتبر عبادة لهذا النجم من دون الله ، وعند ذلك تستنزل تلك الأرواح الخبيثة لتلبية وتنفيذ أوامر الساحر وتحقيق رغباته وحاجاته ، ويظن هذا الفاجر بأن الأمر يتعلق بالنجم وأنه من ساعد على تحقيق ذلك الأمر 0
قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - :( والمقصود أن أهل الضلال والبدع الذين فيهم زهد وعبادة على غير الوجه الشرعي ، ولهم أحيانا مكاشفات ولهم تأثيرات ، يأوون كثيرا إلى مواضع الشياطين التي نهي عن الصلاة فيها ، لأن الشياطين تستنزل عليهم بها ، وتخاطبهم الشياطين ببعض الأمور ، كما تخاطب الكهان ، وكما كانت تدخل في الأصنام وتكلم عابدي الأصنام ، وتعينهم في بعض المطالب كما تعين السحرة ، وكما تعين عباد الأصنام ، وعباد الشمس ، والقمر ، والكواكب ، إذا عبدوها بالعبادات التي يظنون أنها تناسبها ، من تسبيح لها ولباس ، وبخور وغير ذلك ، فإنه قد تنزل عليهم شياطين يسمونها روحانية الكوكب ، وقد تقضي بعض حوائجهم إما قتل بعض أعدائهم أو إمراضه ، وإما جلب بعض من يهوونه ، وأما إحضار بعض المال ، ولكن الضرر الذي يحصل لهم بذلك أعظم من النفع ، بل يكون أضعاف أضعاف النفع ) 0 ( البيان المبين في أخبار الجن والشياطين - ص 67 ) 0
قال الغزالي :( عرف السحر بأنه نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر وبأمور حسابية في مطالع النجوم ، فيتخذ من تلك الجواهر هيكلا على صورة الشخص المسحور ، ويرصد به وقتا مخصوصا من المطالع ، وتقرن به كلمات يتلفظ بها من الكفر والفحش المخالف للشرع ، ويتوصل بسببها إلى الاستعانة بالشياطين ، وتحصل من مجموع ذلك بحكم إجراء
الله تعالى العادة أحوال غريبة في الشخص المسحور ) 0 ( احياء علوم الدين - 1 / 29 )
وقال الكشناوي :( سحر يقوم على تسخير روحانية الكواكب ، والأفلاك ، واستنزال قواها بالوقوف لها والتضرع إليها ، لاعتقادهم أن هذه الآثار إنما تصدر عن روحانية الأفلاك والكواكب لا عن أجرامها ) 0 ( الدر المنظوم - 1 / 29 ) 0
يقول الدكتور عبدالسلام السكري المدرس بكلية الشريعة والقانون بدمنهور : ( وهذا النوع من السحر وبهذا النمط الخطر يستلزم من فاعله غاية الحيطة والحذر خاصة عند استخدام الحروف والأرقام المعينة والتي أدت إلى ظهور الاختراعات المفيدة ، لأنه بدون الأرقام وما فيها من سر خاص لا يمكن لعالم الطبيعة أو الكيمياء التوصل إلى أي من الاختراعات التي نراها ونشاهدها ، وإلا أتت وبلا شك بضرر كبير يعود على مستخدمها ) 0 ( السحر بين الحقيقة والوهم في التصور الإسلامي – ص 115 ) 0
يقول الأستاذ إبراهيم الجمل : ( إن السحر الذي تستخدم فيه الكواكب وسائر الأجرام السماوية هو سحر يستعان فيه بقوة الحروف الهجائية والأعداد وخواصها فضلاً عن تلك الأجرام السماوية وذبذبتها ، وهذا النوع هو أصعب أنواع السحر ، ونحمد الله نعالى أن ذلك النوع لا يُقدِمُ عليه الآن ساحر لأنه يتطلب منه معرفة كبيرة صحيحة بكل ما يتصل بالكواكب واقترانها وصعودها وهبوطها وأمزجتها وطبائعها ومقارنة كل هذا بالحروف والأعداد التي يستعملها وقيمة كل منها وغير ذلك مما يحتاج إلى معادلات جبرية ، ومعرفة المجاميع والتوفيق وحسابات هندسية وفلكية يستحيل أن يلم بها أي ساحر ، لأن كل السحرة الآن جهلاء ليس في وسعهم ذلك غالباً ) 0 ( السحر دراسة في ظلال القصص القرآني والسيرة النبوية – ص 51 – 52 ) 0
10)- طريقة المندل :-
ولقد ذكرت تلك الطريقة مفصلة في هذه السلسلة ( القول المُعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( الاستعانة بالجن ) ولأهمية هذا الموضوع فسوف أذكرها مرة أخرى لكي تتضح هذه الطريقة بأبعادها الكفرية والشركية وهي على النحو التالي :
( تعتمد هذه الطريقة على قراءة تعويذة مكتوبة لا يفهم معناها بسهولة ، حيث تشتمل على كلمات قيل أنها كلمات سريانية وغالب الظن أنها كلمات تحتوي على الكفر والشرك والإلحاد ، وعلى الساحر أن يقرأها بعد أن يحضر طفلا لم يبلغ الحلم بعد ، ويكتب على جبهته : ( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) ( سورة ق – الآية 22 )
ويحمل الطفل فنجانا يضع فيه زيتا أو حبرا أسودا ثم يعزم الساحر بهذه العزيمة 0 وسيرى الطفل أشخاصا وصورا سيميزهم جيدا ، فيطلب منهم أن يذبحوا ويسلخوا ويطبخوا ويرشوا الأرض وينظفوها ، ويأمرهم أن يأكلوا ويغسلوا أيديهم بعد الطعام ، ثم يسألهم بعد ذلك عن الشيء المفقود ، فيرى الطفل هذا الشيء بلونه وطوله وعرضه في هذا الفنجان الضيق الصغير ، وإذا لم يعرف المكان أو الشخص سألهم عن اسمه ، فيكتبونه له بحروف مفرقة على لوح يستطيع الطفل أن يقرأها بسهولة 0 ويمكن للمعزم والحاضرين معه أن يضموا الحروف إلى بعضها ليعرفوا اسم الشخص السارق ، ويمكن للمعزم أن يسأل خدام المندل - وهم كما زعموا وقالوا من إخواننا الجن - كيف تمت السرقة ؟ وكيف دخل السارق إلى المكان ؟ ومن أي موضع استولى على الشيء المسروق ؟
11)- طريقة الأثر :-
وتعتمد هذه الطريقة على أخذ أثر المريض كالعمامة والمنديل والقلنسوة والقميص ونحو ذلك شريطة أن تحمل تلك الآثار رائحة عرق المريض ، ثم يبدأ الساحر بتلاوة بعض سور وآيات القرآن الكريم ومن ثم يبدأ بتلاوة تعازيم كفرية تحتوي على طلاسم لاستحضار الأرواح الخبيثة التي تقوم بدورها بتحقيق المهمة الموكلة إليها ، وقد عرجت في هذه السلسلة ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) تحت عنوان ( الاستعانة ) على فتوى لفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - ينكر فيه هذا الأمر جملة وتفصيلا 0
وبعد استعراض كافة الطرق التي يستطيع الساحر بواسطتها من استحضار تلك الأرواح الخبيثة والاتصال بها لتحقيق رغباته ونزواته وشهواته ، لا بد من وقفة تأمل لاستدراك بعض الأمور الهامة التالية :-
1)- إن المتأمل في كافة الطرق المدونة آنفا يدرك حقيقة بأن السحر خطر عظيم يحتاج لوقفة جادة على جميع الأصعدة لبيان طبيعته وأثره وتأثيره على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم 0
2)- الحقيقة التي لا بد من إدراكها أن هذا الفئة من المجتمع - أعني السحرة - لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنتمي للبشرية والإنسانية ، والذي يدركه كل عاقل بأن هذا الصنف من الناس قد تجرد بالكلية من المبادئ والقيم والأخلاق ، وأقل ما يمكن أن يقال في هذا الصنف أنه لا بد من استئصاله من المجتمع لصلاحه واستقامته ، ومن هنا فالراجح بل الصحيح من أقوال أهل العلم في مسألة حد الساحر ، أنه يقتل ولا يستتاب وهذا ما سوف يتضح تحت عنوان ( حد الساحر ) 0
3)- معظم الطرق المدونة آنفا تقوم على امتهان كتاب الله واستخدامه بطرق شيطانية خبيثة ، وهذا يؤكد على نشر التوعية بين العامة والخاصة وإظهار كافة تلك الحقائق ليعلم المجتمع حقيقة السحر والسحرة ، ولا أظن مسلما أو عاقلا يقر بتلك الأفعال لما تتضمنه من كفر وشرك وإلحاد ، وكثير من الناس يجهل ذلك ولا يعلم بتلك الحقائق المروعة 0
4)- وتحت هذا العنوان فلا بد من وقفة جادة للعلماء وطلبة العلم للوقوف ضد هذا المد الشيطاني وتبصير العامة والخاصة بتلك الحقائق عبر الأجهزة المرئية والسمعية وأجهزة الكمبيوتر عبر (iNTERNET ) ونشر ذلك على صفحات الجرائد والمجلات ، بل يجب أن يتعدى ذلك إلى حملات توعية في مراكز تحفيظ القرآن والشركات والمؤسسات الخاصة منها والعامة ، وكذلك نشر التوعية في الجامعات والمعاهد العلمية وفي المدارس والمستشفيات والمصحات ، والذي يثير الدهشة والاستغراب في هذا العصر هو كثرة مرتادي السحرة والمشعوذين والعرافين بسبب قلة الوازع الديني وفراغ الأنفس من التقوى والخوف من الله سبحانه وتعالى
0 التعليقات:
اهلا بك رأيك يهمنا وتعليقك سينشر هنا مباشرة فلا تتردد بطرح مشكلتك