الاثنين، 4 يونيو 2012

مستشفى عرقة

مستشفى عرقة

تمتلك بعض الأماكن المهجورة سمعة سيئة قد ترتبط أحياناً بماض مريب أو مؤلم فتكثر حولها الشائعات لتوصف بأنها أماكن "مسكونة " بالأشباح أو الأرواح ،  ومن ثم تصبح الوجهة المفضلة لزيارة عدد من الشباب المغامرين الذين يتوقون إلى إثارة قد تتعدى في بعض الأحيان أجواء أفلام الرعب التي يشاهدونها عن تلك الأماكن ، أو يدفعهم الفضول لتقصي الحقيقة عن ما سمعوه عنها.

ومن هذه الأماكن نذكر المستشفيات التي لا تخلو من ماض حافل بأحاسيس الألم لدى المرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية أو معالجات أخرى ، وهناك من يعتقد بأن المكان المهجورقد يكرر (في بعض الأحيان) صدى ماضيه المفعم بالمشاعر وكأن له ذاكرة ووعي خاص به أو أن هناك مخزوناً من الطاقة السلبية التي تؤثر على عقل زائريه .

ومن هذه المستشفيات نذكر  مستشفى ذاع صيته في الأونة الأخيرة فشغل أحاديث الناس ومشاركاتهم على الإنترنت وهو مستشفى عرقة الكائن في حي عرقة شمال العاصمة الرياض ، حيث انتشرت مزاعم عن هذا المكان بين الناس وتعتبر من علامات الأماكن التي توصف بأتها "مسكونة" عادة وهي :

- وجود بقع في المكان تتفاوت فيها حرارتها عن ما يحيط بها في غرف المستشفى .
- إضاءة مصابيح غرف المستشفى وانطفائها المتكرر بدون تدخل بشري ، علماً أن الكهرباء مقطوعة في هذا المجمع الطبي.
- سماع أصوات غريبة عن المستشفى وأبلغ عنها بعض الناس الذين يسكنون بجواره .
- ظهور كائنات ظلية في القبو وبعض الغرف.

إضافة لذلك يقول عدد من سكان حي عرقه شمال الرياض أن المستشفى أصبح يمثل هاجساً مخيفاً لهم ، كما قال سعود الدوسري بأن أصواتاً تصدر من داخل المجمع الطبي ليلاً تثير الفزع لدى أبنائه وأسرته مما يضطرهم في بعض الأوقات إلى الذهاب لإحدى الشقق المفروشة في الأحياء المجاورة، مضيفاً أن الإضاءات تتواجد أحياناً على الرغم من فصل التيار الكهربائي عن المجمع بكامله، مطالباً الجهات المعنية بوضع حد لهذه المعانات في ظل غياب الرقابة والحراسات الأمنية على المجمع ومرافقه.

قصة المستشفى
قيل أن رجل أعمال سعودي قام بإهداء مستشفى تبلغ قيمته  500 مليون ريال سعودي إلى وزارة الصحة قبل وفاته إلا أن خلافاً حصل بين ورثته وأحد شركاءه مما أدى إلى تعطيل المستشفى gمدة 26 سنة حيث طالبوا بتحصيل قيمة تزيد عن 500 مليون ريال .

ويقول الدكتور خالد مرغلاني في وزارة الصحة أن مستشفى عرقه لم تستلمه وزارة الصحة منذ إنشائه مبيناً أن أحد رجال الأعمال أنشأه ليكون مستشفى خاص ولكنه قبل وفاته قام بإهدائه إلى وزارة الصحة وأن الأجهزة الصالحة للعمل تم نقلها إلى المستشفى التخصصي.

وتشير بعض المصادر إلى أن مستشفى عرقه مجهز بجميع الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة مما يؤكد استعداده للافتتاح وبدء العمل فيه ولكن مزاولة الطاقم الطبي والإداري لبداية مهامه لم تستمر سوى أيام معدودة حيث غادر معظمهم المستشفى تدريجياً وبدون إعطاء أسباب ، ومنذ تلك الفترة تركت وزارة الصحة المستشفى وهجرته حتى أصبح ملاذاً للعابثين والمخربين ومرتكبي الأعمال الإجرامية ، وأصبح بفضل هؤلأء العابثين مكان غير صالح للاستشفاء أو حتى للسكن .

وبعد مدة كلفت وزارة الصحة 9 من أفراد الأمن للتناوب في عملهم بحراسة المجمع الطبي لفترة قاربت العامين منذ مغادرة طاقم المستشفى ولكن بعد فترة قصيرة ترك أفراد الأمن حراسة المبنى وبدون مبررات واضحة فأصبح المبنى غائب عن أي حراسة أمنية.

وقيل أن تسمية منطقة عرقه  ترجع في الأصل إلى وجود قبر رجل صالح اسمه عرقان وكان بجوار قبره مسجد مسمى باسمه ويعتقد أن المسجد بني على قبره فسكنته الجن والارواح فترك على حاله من اكثر من 20 سنة.

ونشر عدد من المنتديات الإلكترونية أن عدداً من أهالي الكويت سكنوا في هذه المستشفى أيام حرب الخليج وبعد انتهاء الحرب تركته الحكومة السعودية نظراً لقدمه و عدم الفائدة في تجديده.

مغامرات الشباب
يقول فهيد العنزي أن مبنى المستشفى الرئيسي أصبح ملعبًا يمارس فيه الشباب هواية المغامرة ليلاً، حيث تتوقف عدد من السيارات قبيل منتصف الليل وينزل العديد من الشبان بمصابيح ضوئية وأسلحة بيضاء للبدء في عرض مسرحية بينهم تنتهي بخروجهم سريعاً، ويتضح عليهم الخوف والإعياء الشديد نتيجة عدم معرفة تفاصيل تلك المسرحيات ، وأكد نادر الطويل أن مستشفى عرقة العام أصبح جزءًا لا يتجزأ من سيناريو لفيلم تدور أحداثه يوميًا ويشهده سكان الحي.


وقيل أيضاً أن شخص ذهب برفقة أصدقائه إلى المستشفى ليلاً وبعد خروجهم جاءهم حارس أمن عند الباب وقالهم :"وش جابكم.. لاعمركم تجون للمستشفى ؟!" ، وبعد خروجهم تبين انه لايوجد اصلاً حراس أمن في المستشفى !

 وكتبت مجموعة من الشباب ايضاً انهم ذهبوا ليلاً وظلوا في المستشفى لعدة ساعات و لكنهم لم يعثروا فيه على أي شيء غير طبيعي .

- وقد أحرق مجموعة شبان مستشفى عرقة المهجور مؤخراً بعد أن اقتحموه " بحثاً عن الجن" و جاء ذلك قبل أيام قليلة من قيام 7 شباب سعوديين آخرين باقتحام أحد المباني المهجورة في مدينة أبها جنوب السعودية بحجة محاربة الجن على حد قولهم بحسب ما نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة الإتحاد السعودية في 4 يونيو الفائت حيث قامت شرطة منطقة عسير باحالة قضيتهم الى هيئة التحقيق والادعاء.


فرضيات التفسير
لا يمكن إعطاء تفسير دقيق لما يحصل في المكان من أحداث غريبة بالإعتماد فقط على شهادات الناس أو الشائعات ، فلا بد من القيام بقياسات وجمع أدلة عن المكان تتعدى التصوير الضوئي الذي يقوم به الشباب في جولاتهم الليلية ورغم ذلك هناك 3 فرضيات :

1- أسباب طبيعية : تأثيرات الإشعاعات والسميات والغازات
يمكن أن ينتج عن التجهيزات الطبية المتهالكة وخاصة أجهزة التصوير والتخزين المغناطيسية إشعاعات وحقول مغناطيسية شاذة تؤثر على الفص الصدغي في دماغ الزائر  وقد تسبب تغيراً في إدراك النظام السمعي والبصري كما لا ننسى دور السميات التي قد تتسرب من الأدوية المنتهية الصلاحية وما تبعثه أنابيب الغاز المهترئة من غازات ، ونعلم دور غاز أوكسيد الكربون في حدوث الهلوسة - إقرأ عن دور السميات والإشعاعات في صنع الخوارق.

2- أسباب متصلة بالمعتقدات والماورائيات
لسبب ما اختارت الأرواح (الجن ، شياطين)هذا المكان المهجور مكاناً ملائماً لسكنها  أوقد يكون أحد الأشخاص أوكلها (لمصلحة ارتآها في تعطيل المشروع) بحراسة المكان وطرد كل من يحاول تشغيل المشروع الذي لم يشهد مستوى التشغيل الأدنى منذ إطلاقه ، يسمى ذلك أيضاً بالمكان المرصود، وهناك فرضية أن يكون المشروع مقاماً فوق أرض مقبرة أو مدفن في تاريخ قديم وما زالت فيه طاقة سلبية كامنة فيه بفعل أعمال السحرة لتحل اللعنة فيه، أو أن أرواح الموتى أو قرنائهم من الجن تعيق هذا المشروع ، وذلك إن صدقت رواية الشيخ عرقان المذكورة في قصة المستشفى ، إقرأ عن لعنة تصيب ساكني منزل بعد إقامته على مدفن ، وتبقى فرضية ماضي المكان وطاقته السلبية جراء مكوث المرضى فيه قائمة ولكنها أقل احتمالاً لأن المستشفى لم يشهد تشغيلاً طويلاً .

3- تسلية أو تغطية
يرى الكثير من المشككين أن هذه "الظواهر" تحدث نتيجة تضخيم يلعب فيه خيال الناس عن أمور كانت طبيعية في البداية مثل حركة بعض الحيوانات التي تسكن المكان كالقطط والحشرات ثم لا تلبث أن تخرج المعلومات الأولية عن السيطرة خاصة أنه لم يتحقق منها  ، وقد ينشر بعض الناس إشاعات عن أمور غريبة بهدف التسلية - إقرأ عن تصديق الاكذوبة وانتشارها.

وهناك سبب أخرى ، إذ لا يوجد أنسب مكان لممارسة النشاطات الإجرامية أو التي لا يسمج بها القانون سوى الأماكن المهجورة ، إذ من مصلحة هؤلاء الترويج لسمعة  "المكان المسكون" بهدف التغطية على نشاطاتهم الخارجة عن القانون فيصبح المكان ملاذاً  للعابثين والمجرمين ومتعاطي المخدرات وهذا ما حدث منذ مدة بحسب أقوال البعض.

 وعلينا أيضاً أن لا نغفل إحساس السكان المحليين بانعدام الأمان وهم يسكنون على مقربة من مكان كبير وغير محروس مما يؤثر على حالتهم النفسية ويزيد من قوة الشائعات المتناقلة بينهم بما يشبه حالة من الهستيريا الجماعية.

تحقيق وإعداد : ياسمين عبد الكريم وكمال غزال

شاهد الفيديو
تقرير مصور أعدته  قناة روتانا الخليجية عن مستشفى عرقة :


المصادر
- جريدة الرياض
- مدونة نظرة عيون 
- مجموعة من المنتديات

0 التعليقات:

اهلا بك رأيك يهمنا وتعليقك سينشر هنا مباشرة فلا تتردد بطرح مشكلتك